الركن الرابع عمل القلب
كل ما سبق من أعمال القلب التي لا يمكن أن يكون الإنسان حقاً شاهداً أن لا إله إلا الله إلا بها -بقدر منها- فالإنسان الذي ليس عنده يقين -مثلاً- ويشك في شهادة أن لا إله إلا الله, وإن قالها بلسانه, فهذا لا يعد مسلماً, لأنه يشك في ذلك: ((أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) [إبراهيم:10] فلا بد فيها من اليقين, ولهذا شرط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {من قال: لا إله إلا الله غير شاك فيها دخل الجنة} فهذا لم يأت بشرط من شروط لا إله إلا الله, وهو شرط اليقين، وهو لا بد منه.
والعلم لا بد منه: ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ))[محمد:19] وكذلك الإخلاص؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ))[البينة:5].
إذاً من لم يخلص دينه لله, ومن أشرك مع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، في محبته أو عبادته أو خوفه أو رجائه أو في أي نوع من أنواع العبادة فإنه لا يكون مسلماً.
ولا بد أيضاً من الإخلاص لله في قولها، ولا بد من التوكل والاستعانة بالله تبارك وتعالى، لأننا نقول في صلاتنا: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة:5] فالله سبحانه هو المطلوب المعبود المرجو وحده, الذي يرجى ويخاف ويتوجه إليه بالعبادة، ومع ذلك هو أيضاً المستعان، فهو إن لم يعنا ويوفقنا للحق في هذه العبادة, وللهدى وللسنة، فربما عبدناه على ضلالة فلم ينفعنا ذلك، وإن وفقنا إلى هذه العبـادة والطـاعة والخير, فالفضل له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأنه هو الذي هدانا, ولهذا يقول أهل الجنة: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)) [الأعراف:43] وقال المهاجرون والأنصار:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فمهما أطعناه واجتهدنا في طاعته, فالفضل له أولاً وآخراً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا بد من التوكل عليه: ((قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا))[الملك:29] فمع الإيمان الاستعانة والتوكل، ومع ذلك الصبر, وهذا من أعظم أعمال القلوب, التي يحقق الإنسان بها إيمانه, وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.